السلام عليكم و رحمة الله
كثيرا ما كان يردد على مسامعي أساتذة التاريخ و الجغرافيا أننا و دول أخرى .. إخوة
أخبروني أن لنا نفس التاريخ و ينتظرنا نفس المستقبل ،، و أننا نعتنق نفس الدين و نتحدث نفس اللغة ،،أن لنا نفس الثقافة و نحمل نفس الهواجس .. و آمنت بكل هذا
بعد سنين من ذلك سولت لي نفسي أن أشكك في بعض مما قيل ، و أحصيت لنفسي عددا لا بأس به من الأسباب و الذرائع يكفيني لأقنعكم في موضوع نقاش ما أننا لسنا إخوة إلى ذاك الحد الذي نتصوره ... إلى أن حدث ما حدث قبل يومين
تبين لي يا سادة دليل أستطيع أن أبصم على صحته بأصابعي العشرة ، أن أصرخ بأعلى صوتي به هنا دون أن يقول أحدكم " هذه الفتاة جنت أو أصابها مصاب " ، دليل تأكده مئات الشواهد و يثبت بما لا يدع للشك مدخلا "أخوتنا " ... أتدرون ما هو ؟
إنها المصائب
أجل ، نحن إخوة في المصائب
عندنا ، تمسك مجموعة غنائية شبابية بآلاتها الموسيقية .. تعزف على أنغام ركيكة تشبه الجاز .. بينما يتولى الشاب ذو الشعر المنكوش زمام المايكرفون .. و ما يتمتم به مرة و يصرخ به أخرى هو " لا إله إلا الله ،، محمد رسول الله ،، يا الشافع اشفع ليا "
و عندكم في مكان ما ، يختلف المشهد قليلا ، إلا أنه ليس بذلك الاختلاف الذي " يفرقنا " ،، بل هو اختلاف هدفه اثراء المشهد ليس إلا ..
هناك توضع تلاوة القرآن الكريم بأصوات شجية تثير الخشوع في النفس كخلفيات صوتية لأشياء أخرى .. مراهم عرسان ، بعضها يبيض و ثانية تضخم و ثالثة تنحف و رابعة تعيد ما سقط من الشعر و أخرى تتخلص مما تعنت منه ..
أما الخلفيات الصورية المرافقة للتلاوة ، فتتعدد بين أجسام رشيقة ترتدي ميوهات لا يتخلف اثنان عن هدفها و فقرات اعلانية مكتوبة تتحدث عما ذكر أعلاه و تشرحه ..
عندنا ، تخصص أمسية السبت لاستعراض الغباء و التافه من الكلمات و السخيف من العقول و المبتذل من المظاهر .. شيء يجعلني أفكر أحيانا بالتنكر لانتمائي لهذا الوطن ، و أخجل بدل من يتقافزون هناك حين أفكر أن هناك شعوبا أخرى قد تقف بالخطأ عند قناتنا الوطنية و ترى ما يحدث في تلك اللحظة ..
إلا أني أعود و " أطيب خاطري " بفكرة أن اقتصارنا على ذاك الكم من " التقافز " و في أماكن و أزمنة معدودة أفضل بشكل من الأشكال مقارنة بما يحدث في أماكن ما عند أخوة آخرين ..
فعندهم ، تُخصص قنوات كاملة للطائفة أعلاه ،، يتغير حجم التقافز و نوعه بتنوع الأماكن و زوايا التصوير و جودته و المتقافزين أنفهسم ،،، إلا أنه يبقى واحدا .. غبي ، تافيه ، سخيف ، مبتذل ..
عندنا ، يُحكم الصوفية قبضتهم على برامج معينة ،، فلا يكاد يمر البرنامج دون أن تُذكر أسماء " سادتهم " فلان بن فلان .. و يمجدوه أكثر مما يمجدون أمهاتهم ..
و عندكم ، عُلقت على زوايا ثلثي القنوات التي تًُبث راية سوداء مكتوب عليها " يا حسين "
عندنا ، بدأ فكر " صوت برسالة نصية و اربح ثورة " يضرب جذوره ... فقد انتقلنا من مرحلة أن الشركة الفلانية بمناسبتها الخمسين قررت أن تنشلكم مجددا و تجود عليكم بالفتات ، و وصلنا لمرحلة أن " كولومبو " التحري يحتاج لأجوبة منا ليحل قضيته و يكافئنا بشكل " أسبوعي " على غبائنا
و عندكم ، هونوها و عمموها ... إذ تكفي ملاحظة الزر الناقص من بذلة عادل امام لتربح ثروتك مباشرة و بالدولار ، و إن لم " يعلق " الخط مع القناة رقم عشرة ، جرب مع القناة 17 .. فكلها متخصصة في المجال
أعتذر لكل أساتذة التاريخ و الجغرافيا الذين طالما شككت بفهمهم للأمور ، فنحن فعلا اخوة ...
من اقصى المغرب لأقصى المشرق إخوة في المصيبة
ا
